المسلم الذي يرغب في الترقي والوصول إلى مرتبة الإحسان، لا يكون ترقيه، وتحوله إلا بطهارة القلب ونقاء السريرة ونور البصيرة، ولا يكون ذلك إلا بعلاجات وصفها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لقتل الداءات، وقال إنها الذكر، فإن الذكر يمحو الظلمة، ويجلي البصيرة، ويرقق القلب، ويزكي النفس، ويقرب العبد من ربه، ويجعله جليسا للحق -سبحانه وتعالى-، ولا يكون الذكر بغير نظام، وإنما يتلقاه المريد على يد الشيخ بقدر المريد لا بقدر الشيخ، ثم يترقى المريد، فقد قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]، وقال أيضًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقال كذلك: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35].
وقد وجه السادة كل من يريد أن يلحق بالصالحين إلى مجلس مع الله يسمى بالورد، وقد سمي كذلك لورود مدد الله عز وجل، فإن ذكرت الله ذكرك، وهذا وارد، وإن صليت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليك، وهذا وارد، فهذه الألفاظ أدوية تعالج أمراض القلوب، وعلى ذلك فالمريد الذي يسلك عليه أن يجلس كل يوم جلسة مبدئية يقرأ فيها الورد الأساسي، وهو أن يجلس المريد متجهًا إلى القبلة مسبلا عينيه، ويقرأ ما يلي:
- سورة الإخلاص: ثلاث (3) مرات.
- سورة الفلق: مرة (1) واحدة.
- سورة الناس: مرة (1) واحدة.
- سورة الفاتحة: مرة (1) واحدة.
ثم يقول:
- أستغفر الله العظيم: مائة (100) مرة، وفي آخر مرة يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه، توبة عبد ظالمًا لنفسه، معترفًا بذنبه، طالبًا عفو ربه، لا يملك لنفسه ضرًّا، ولا نفعًا، ولا موتًا، ولا حياةً، ولا نشورًا.
- اللهم صلِّ على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم: مائة (100) مرة.
- لا إله إلا الله: ثلاثمائة (300) مرة، وفي آخر كل مائة يقول: لا إله إلا الله، سيدنا محمد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
- ثم يدعو لنفسه بما يشاء من الدعاء.
- ثم يقرأ الفاتحة ثماني (8) مرات.
- ثم يسجد، ويقول: “سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اجعل من أمامي نورًا، ومن خلفي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، وفي قلبي نورًا، وفي دمي نورًا، وفي عظمي نورًا، وفي وجهي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، واجعلني نورًا”.
- ثم يدعو لنفسه ولإخوانه قائلًا: اللهم اغفر لي وإخواني، ونحو ذلك.
- ثم يقول: “اللهم اجعل لي بها أجرًا، وامح بها عني وزرًا، واجعلها لي يوم القيامة ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود –عليه السلام-“.
- ثم يرفع من السجود، ويتلو سورة الفاتحة بنية الخروج من المجلس، ويقول: وصلَّى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلَّم، ويسلم يمينًا ثم يسارًا، كما لو كان يتحلل من الصلاة.
ولا يزال العبد يتلو هذا الورد حتى يجد في قلبه رغبة للزيادة؛ لأن للورد حلاوة غيبية، فإذا وجد الشيخ في تلميذه رغبة للزيادة وجَّهه إلى أوراد السلوك، والتي يحصل عليها عن طريق الشيخ المربي.